الصورة: نيام فليمينج فاريل/إيرين
تحسنت العلاقات بين اللاجئين والسكان المحليين في مخيم باتيل
تشققت الأرض في مقاطعة مابان بجنوب السودان وأصبحت جافة بالفعل لدرجة أصبح معها حتى النسيم الضعيف يثير ضباباً من الغبار البني اللون.
وعلى الرغم من أن محن موسم الأمطار الذي غمر المنازل بالمياه وعرقل السير على الطرقات قد انتهت، إلا أن تغير الطقس- وتحول استجابة حالات الطوارئ إلى جهود إغاثة إنسانية طويلة الأمد- يثير مخاوف جديدة لدى اللاجئين وعمال الإغاثة على حد سواء.
وقال خليفة تشابا بينما كان جالساً خارج كوخه في مخيم دورو الذي يضم أكثر من 44,000 من السكان ويعد أكبر مخيمات اللاجئين في المنطقة: "في موسم الجفاف لا توجد مياه للماشية لكي تشرب ولا عشب لكي تأكل".
وكان القتال بين القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان-فرع الشمال قد بدأ في جنوب كردفان بالسودان في يونيو 2011. وقد امتد النزاع إلى ولاية النيل الأزرق في سبتمبر من ذلك العام. ومازال القتال مستمراً وهو ما يدفع لاجئين مثل تشابا إلى النزوح إلى جنوب السودان.
نفوق الماشية
وقبل أربعة أشهر فر تشابا، وهو أب لسبعة أطفال من ولاية النيل الأزرق يبلغ من العمر 45 عاماً برفقة 10 بقرات. وعندما وصل إلى دورو، بقي لديه تسع بقرات فقط إذ قام بذبح واحدة في الطريق للحصول على طعام. والآن لا يملك الرجل سوى سبع بقرات بعد أن نفقت اثنتين بسبب موسم الجفاف الذي ما يزال في بدايته فقط. وعن ذلك قال: "تسعل الأبقار ثم تصاب بالإسهال. وهذا هو سبب نفوقها".
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مابان أن عدد الماشية التي نفقت قد ارتفع بالفعل على مدى الأشهر القليلة الماضية.
وقال ميرات مورادوف، مسؤول الحماية في البعثة، أنه في أسبوع واحد في نهاية ديسمبر نفق حوالي 300 من الماعز والماشية.
وتعتبر الأمراض مثل حمى الوادي المتصدع وداء الكلب السبب الرئيسي لنفوق الماشية. ويتم حالياً تنفيذ مبادرة مشتركة لتطعيم الماشية.
موارد محدودة
كما يعتبر نقص المياه والغذاء سبباً رئيسياً لنفوق الماشية ومصدراً للنزاع. وأوضح العاملون في المجال الإنساني أنه في نهاية موسم الأمطار يجب أن يكون العشب طويلاً لكنه لم يكن كذلك هذا الموسم مما صعّب على اللاجئين والمجتمع المحلي الحفاظ على قطعان ماشيتهم.
وقد زاد تدفق اللاجئين على المنطقة من الطلب على أراضي الرعي. وأوضح أحد العاملين في المجال الإنساني في المنطقة فضل عدم ذكر اسمه أنه "من المرجح أن يسبب ذلك توترات بين المجتمع المضيف واللاجئين حول المياه المتوفرة لشرب الماشية... وحول الأراضي الزراعية لأنها آخر الأراضي التي يمكن أن توفر الغذاء للماشية".
وقال تشابا أن أفراد المجتمع المضيف قاموا بقتل ماشية اللاجئين التي وجدوها تتغذى على المحاصيل، وقام المجتمع المحلي أيضاً بالمطالبة بأموال كتعويضات من مالكي الأبقار.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال مورادوف من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: "نعم كان هناك عدد قليل من حوادث الحماية. وقد تعرضت الماشية للسرقة ومنع اللاجئون من رعي الماشية. ولابد من التشاور مع المجتمع المضيف".
وقد اتخذت المفوضية خطوات من أجل مواجهة المشكلة حيث قامت في شهر أكتوبر بتكوين لجنة علاقات اللاجئين والمجتمع المضيف في كل مخيم من المخيمات الأربعة في مابان.
وطبقاً لما ذكره مورادوف، فقد وضعت حلول مؤقتة في مخيمات باتيل وجندراسا حيث تم تحديد أراضي الرعي التي يستخدمها اللاجئون على مسافة 5 كيلومترات شرق مخيم جندراسا. وأضاف مورادوف أن "عدد الشكاوى التي وردت قد انخفض بشكل كبير".
اقرأ أيضاً
جنوب السودان: تقديم الرعاية الصحية في المناطق التي يصعب الوصول إليها
جنوب السودان: الأمراض تشكل ضغطاً على جهود الإغاثة
السودان- جنوب السودان: هميس حمدين عيسى زاق، "كانوا يقتلون الجميع"
وتهدف حملة التطعيم الشامل للماشية إلى حماية أصول اللاجئين عن طريق مواجهة ارتفاع معدل النفوق بين الماشية والماعز والأغنام. كما أنها تهدف إلى تهدئة العلاقات بين اللاجئين والمجتمع المضيف حيث سيتم أيضاً تطعيم ماشية السكان المحليين من خلال هذا المشروع، طبقاً لما ذكرته بولما رولاشي، مسؤولة الصحافة في بعثة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مابان.
وقال مورادوف أنه قد تم تطعيم ما بين 40,000 إلى 50,000 رأس من الماشية بالفعل من خلال البرنامج الذي تم تنفيذه بصورة مشتركة عن طريق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأغذية والزراعة ووزارة الزراعة في جنوب السودان ومنظمة أطباء بيطريين بلا حدود الألمانية.
وقال مورادوف أن الأراضي الزراعية في مخيم دورو تعد قضية أكبر من الوصول إلى مراعي الماشية. ولكنه أشار إلى أنه قد تم إحراز تقدم في تخصيص منطقة يمكن فيها للاجئين زراعة المحاصيل بموافقة المجتمع المضيف. وأضاف مورادوف أن سلطات الولاية في المنطقة صادقت على المبادرة.
وأضاف قائلاً: "مازلنا في بداية موسم الجفاف وكلما تقدمنا في هذا الموسم زادت التحديات التي نواجهها".
نافذة أمل
وتستعد فرق الاستجابة الإنسانية لمواجهة تحديات الأشهر القادمة لكنها ترى أيضاً أن موسم الجفاف يمثل نافذة أمل.
وتتوقع الفرق تدفقاً جديداً للاجئين إلى ولاية النيل الأزرق. ولكن ذلك لم يحدث بعد ولذلك تحول التركيز بدلاً من ذلك إلى تحسين الخدمات بالنسبة لهؤلاء الذين يعيشون في المخيمات.
وقال مورادوف: "لم يكن هناك تدفقاً كبيراً كما كان متوقعاً. يتسرب الناس عبر الحدود حيث وصل 340 شخصاً منذ تم تفعيل خطة الطوارئ منذ ثلاثة أسابيع. وفي الوقت الراهن لدينا ما يزيد عن 112,000 لاجئ هنا وعلينا دراسة تأمين احتياجاتهم طويلة الأجل".
ومن بين الاحتياجات الرئيسية الحاجة إلى نقل اللاجئين من خيام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- التي هي بمثابة ملاجئ للطوارئ- إلى مساكن أكثر استدامة. كما أن هناك حاجة إلى تحديث المدارس والمستشفيات إلى منشآت دائمة وشبه دائمة.
وتخطط منظمة جوول غير الحكومية- التي تدير مشاريع الصحة والصرف الصحي في ثلاثة مخيمات في البلاد- إلى إنشاء 1,500 مرحاض في مخيم باتيل قبل أن تعود الأمطار وتعطل أعمال الإنشاءات.
وقالت إيفيلين مورهيد، منسقة الطوارئ في منظمة جوول أنه "نظراً للأمطار والفيضانات فإنه قد يتعذر الوصول إلى المواقع ويمكن لحفر المراحيض أن تنهار أثناء عمليات حفرها".
ويمثل موسم الجفاف أيضاً فرصة لاستيراد المواد عن طريق البر حيث تؤدي الأمطار عادة إلى قطع الطرق المؤدية إلى ولاية أعالي النيل، وهو ما يجبر وكالات المعونة التي تعاني من نقص في الميزانية من نقل الإمدادات عن طريق الجو.
وقالت مورهيد أن "نقل الإمدادات الثقيلة والضخمة مثل الديزل في طائرات خاصة أكثر تكلفة بشكل كبير من نقلها عن طريق البر أثناء موسم الجفاف".