الصورة: فريدم هاوس/فليكر
بات الصراع السوري يتركز في المناطق الحضرية بشكل متزايد – وهذا ما نتج عن القصف في بلدة دوما قرب العاصمة
كان الريف السوري أول المناطق التي بدأ فيها الثوار بتحقيق انتصارات ضد القوات الحكومية في عام 2011. لكن منذ ذلك الحين، أصبحت الحرب الأهلية في سوريا تزداد حدّةً في المناطق الحضرية، لاسيما بعدما باتت المعارك تدور على الطرق السريعة، وفي زوايا الأحياء، وحتى على شرفات المنازل.
وقد اتهم المدنيون كلا الجانبين في الصراع باحتلال منازلهم ونهبها، ما أدى إلى المزيد من النزوح والخسائر والضعف.
كان مصطفى* يسكن مع أسرته في موقع استراتيجي - على تلة تطل على إحدى المدن السورية حيث كانت قوة الثوار تزداد يوماً بعد يوم. وقد وجد مصطفى وأسرته أنفسهم في الخريف الماضي على خط المواجهة في معركة تشنّها القوات الحكومية ضد الثوار.
فخلال العمليات العسكرية في منطقة معينة، يقوم الجيش بإغلاق المداخل والمخارج من وإلى المنطقة لعدة أيام في آن واحد. قام الجنود بزيارة منزل مصطفى من قبل وكانوا يطلبون الخبز أحياناً أو يتوجّهون إلى الثلاجة مباشرةً للحصول على الطعام. لكن المرة الأخيرة التي زاروا فيها منزله كانت مختلفة. ويروي مصطفى تفاصيلها إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قائلاً:
"كانت الساعة السابعة صباحاً حين طرق أحدهم الباب. ذهبت ابنتي الصغرى لفتحه ظناً منها أن صديقاتها قد وصلن.
فتحت الباب ووجدت حوالى 50 جندياً. فقد جاء الجيش الى منزلي لإطلاق النار على الثوار من الشرفة. بقي بعضهم في المدخل بينما دخل الآخرون إلى المنزل - المطبخ وغرفة النوم والشرفة.
لا يمكنك أن تسأل`لماذا؟'. لم يُسمح لنا بالمغادرة. كان علينا البقاء في الداخل، فاختبأنا في الحمام لمدة تسع ساعات، بعد أن قالوا لي أن الخروج سيعرضني وأسرتي للخطر. اندلعت المعركة على الجانبين. كان الوضع سيئاً للغاية، كنا نسمع إطلاق النار بجانبنا، ونراه أمام أعيننا. فقد كنا في الممر وكان إطلاق النار جارٍ على الشرفة.
كنت أصرخ أكثر من أولادي. وكانت ابنتي الكبرى قد ولدت طفلاً قبل أسبوع واحد فقط من مجيئها إلى المنزل. فقلت للضابط: `وضعت ابنتي مولوداً مؤخراً وهي ليست بحالة جيدة ويجب نقلها إلى المستشفى. الساعة تقارب الرابعة بعد الظهر وسوف تغلق الطرق، ولن نكون قادرين على مغادرة المنزل`.
فأجابني: `لا يمكنك المغادرة`. فقلت: `ماذا تريد مني أن أفعل؟ إليكم مفاتيح المنزل، السلام عليكم... سآخذ أطفالي وأرحل`.
كانت المنطقة مليئة بنقاط التفتيش والدبابات. مشينا أكثر من 200 متر - بين المنازل والأشجار لتجنب إطلاق النار – إلى أن وصلنا إلى الطريق الرئيسي واستقلينا سيارة.
لم أعد إلى منزلي حتى الآن. فقد ترك الجنود بيتي منذ ذلك الحين، ولكن يتم إغلاق الطرق في معظم الوقت. وقد باتت واجهة المنزل مليئة بالثقوب الناجمة عن الرصاص. وقيل لي أن بعض الأشياء في المنزل باتت مفقودة.
أصبحت العودة غير آمنة بالنسبة لي ولأولادي. فقد قام الجنود بإطلاق النار على ثوار الجيش السوري الحر من بيتي، وإذا ظن الثوار أن الجيش ما زال هناك، قد يقومون بإطلاق النار على المنزل.
أشعر الآن بالغضب تجاه كلا الجانبين. إنها حرب حمقاء. لماذا أتوا إلى منزلي؟ فقدت بيتي وفقدت كل شيء."