الصورة: هانا مكنيش/إيرين
أيوم نيول هي واحدة من بضعة آلاف عادوا إلى مدينة أبيي التي كانت صاخبة في الماضي القريب
أيوم نيول هي واحدة من عدة آلاف من الأشخاص الذين عادوا إلى مدينة أبيي، التي كانت صاخبة في الماضي والتي تعتبر اليوم عاصمة منطقة تقع على الحدود بين جنوب السودان والسودان. وكان السودان قد نشر قواته هناك في مايو 2011، مما أدى إلى فرار معظم السكان - حوالي 100,000 شخص - إلى الجنوب.
ولا يعمل في تلك المنطقة سوى منظمات إنسانية قليلة. ورغم مرور ما يقرب من ثماني سنوات على توقيع اتفاق سلام أنهى عقوداً من الحرب الأهلية، لا يزال تحديد البلد الذي تنتمي إليه منطقة أبيي إحدى القضايا الرئيسية التي لم يتم حلها بعد بين جنوب السودان (التي حصلت على استقلالها في عام 2011) والسودان. وقد فشلت الدولتان في الاتفاق على تحديد الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في استفتاء طال انتظاره لتقرير مصير أبيي (من المقرر عقده في أكتوبر 2013) لتسوية هذه المسألة.
وتنتشر الآن قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي في المنطقة، لكن لم يعد إليها سوى عدد قليل من النازحين. وبقي زوج نيول وأطفالها الخمسة بالقرب من بلدة أغوك القريبة الأكثر أمناً والتي تتوفر فيها المعونة. وقد اتجه إلى هناك العديد من الـ 100,000 شخص الذين فروا من سكان المنطقة والذين ينتمي معظمهم إلى قبيلة دينكا نقوك. لكن نيول عادت إلى بلدتها لتمارس الزراعة.
وتعيش نيول الآن في مبنى حكومي مهجور - وهو أحد المنشآت القليلة في المدينة التي تفتخر بأنها لا تزال تتمتع بسقف. وتغطي جدرانه كلمات باللغة العربية، كتبها جنود سودانيون احتفالاً باحتلالهم للمنطقة.
وتخشى نيول من أن تؤدي هجرة رعاة المسيرية السنوية جنوباً هذا العام إلى إشعال المزيد من الصراعات الدامية، حتى وإن لم يتدهور الجمود الحالي بين الخرطوم وجوبا ويتحول إلى أحداث عنف. وروت قصتها لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة:
"جئنا لزراعة الأرض في بلدتنا، لكن بيوتنا حُرقت لذا جئنا إلى هنا، بالقرب مكان تتواجد فيه الأمم المتحدة. نسير على الأقدام لمدة ساعة تقريباً من هنا لنصل إلى قريتنا كل يوم، ثم نعود للنوم هنا".
جئت من قرية تدعى ماريان كير تقع على بعد ساعة واحدة سيراً على الأقدام من مدينة أبيي، لذلك أذهب أثناء النهار وأعود في الليل. لكن الحرائق لم تبق على شيء هناك.
خلال موسم الأمطار، ركضنا إلى أغوك. ولا يزال زوجي المزارع هناك مع الأطفال.
وقد عدت في مايو 2012 عندما رحلت القوات المسلحة السودانية وهطلت الأمطار كي أتمكن من الزراعة، وذلك لعدم وجود أراض جيدة للزراعة في أغوك.
قُتل ثلاثة من أقاربي أثناء الهجوم [2011]. لإنهم قصفوا السكان، ولم يعرف الناس إلى أي مكان يمكنهم الفرار، لذا سقط الناس قتلى بالرصاص بسهولة. وعندما قتلوا الناس، لم نتمكن من العودة وانتشال الجثث لدفنها، رغم أننا كنا نعلم بوجود أقاربنا هناك.
يريد الشماليون المجيء إلى هنا. يبدو أنهم يريدون أن تصبح هذه المنطقة ملكاً لهم، ولذلك نحن خائفون حقاً.
لقد جلبوا الماشية لترعى هنا لبعض الوقت من قبل، وبعد ذلك جلبوا بعض البضائع للمحلات التجارية، ثم عادوا في مايو مع هطول الأمطار.
نهم يحبون هذا المكان الآن، ويريدون الأرض. يريدونها أن تصبح ملكاً لهم.
لا دري ماذا ألم بهم، لأنهم أقاربنا، وكانوا يقيمون معنا لفترة طويلة، لكنهم الآن يقولون أنهم يملكون هذا المكان.
لسنا مرتاحين لهذا الوضع، لأنهم نهبوا كل شيء، ونحن لا نريد أن نراهم في هذه المنطقة.
لا نريد قبيلة المسيرية هذه وأبقارها هنا بعد الآن، لأنهم جاءوا وطردونا.
أخذوا كل أبقارنا، والآن لم يعد لدينا شيء. أخذوا حوالي 1,000 فرد من عائلتي [الممتدة]، بالإضافة إلى كل أبقار أقاربنا. لم يتبق لنا شيء الآن، لا شيء على الإطلاق.
إنهم بحاجة إلى الأرض وإلى أبقارنا. إنهم يريدون أن يأتوا إلى هنا ويأخذوا كل شيء.
والآن، لم تعد لدينا ماشية هنا، لكن يحدوني الأمل في أن نجلب أبقارنا لترعي هنا مرة أخرى.
كما أنني أصلي كل ليلة من أجل أن تكون منطقة أبيي ملكاً لنا، وأن نستطيع العيش هنا بسلام".