منذ ان تولى الرئيس محمد مرسي مقاليد الحكم في البلاد وبلغت الحرب الاعلامية عليه ذروتها, حتي ان الاعلام الرسمي للدولة كان ضده ومازال حتى هذه اللحظة , ولأول مرة نرى رئيس دولة ليس لديه آله اعلامية يستخدمها للترويج لبرنامجه او اهدافه أو انجازاته , لقد عهدنا في العصر السابق أيام المخلوع وزبانيته امتلاكهم آله اعلامية قوية جعلت من الفرعون إلــه يحكم الأرض بكل ديكتاتورية ويروج له الاعلام وكأنه يفعل ما يحمي البلاد من الفوضى والهلاك , بل وجعله رجل العصر الاول الذي يحمي البلاد من الفساد والبلطجة والارهاب تحت ما يسمي الطوارئ , في حين ان الفساد والبلطجة والارهاب ما كان لها ان توجد في مصر لولا هذا النظام البائد , الذي بسببه نعاني البلطجة والفساد والمحسوبية حتى يومنا هذا ولعشرات السنين , ان لم يقدر لنا الله الخلاص من منظومته في أقرب وقت ممكن .
ففي الفترة التي نحن فيها حاليا وبعد نجاح الرئيس مرسي وجدنا الاعلام الخبيث يشتد عليه بكل ما أوتى من قوة وكأنه لم يأت بارادة الشعب المصري العظيم , في انتخابات ديمقراطية نزيهة أشاد بها العالم أجمع , فأصبحوا يشوهوا صورته ويقفون له بالمرصاد , فمنذ أن أصبح رئيس وهم يمارسون عليه كل ادوات البلطجة الاعلامية , فعندما اختاره الشعب رئيسا وجاءت نتيجة انتخابات الرئاسة معبرة وبحق عن ارادة الشعب المصري , قام اصحاب المصالح الخاصة بالتضييق عليه وتحجيم دوره وسلطاته بأن فرضوا عليه الا يختار نائب من حزبه أو جماعته , وألا يختار رئيس حكومة من حزبه او جماعته , والا يختار نائباً له من حزبه او جماعته , وألا تكون الحكومة الجديدة بها أغلبية من حزبه او جماعته , بل والادهي من ذلك والامر أنهم ارتضوا ان تكون السلطة التشريعية في يد المجلس العسكري ليكون وصيا علي الشعب , في سابقة لم نشهدها من قبل , ومع ذلك وافق الرئيس علي كل هذه القيود - إلا انه رفض ان يكون هناك رئيسين للبلد حتي لا تسقط مصر – وقام بتعيين نائب من خارج الجماعة والحزب وكذلك رئيس الحكومة وكذلك لم يجعل اغلبية في حكومته من الجماعة او الحزب , وبالرغم من ذلك اعتبره الاعلام ديكتاتوريا وشن حربا ضروساً عليه , وشوه صورته وتربص له خاصة عندما صدمه الرئيس وقام بالاستجابة للأقلية حفاظا علي هيبة مصر ومكانتها ووحدة صفها , ثم بعد ذلك نسي الاعلام ما فعله الرئيس محمد مرسي عند توليه حكم البلاد فقام باصدار أوامره لجعل القصر مكانا للعمل له ولأي رئيس يأتي من بعده , كما قام بابعاد ذويه عن الملك وعن الحكم في سابقة لم نشهدها قبل ذلك عن حكامنا السابقين , ليس هذا فحسب بل قام بتطبيق الحد الاقصي للاجور علي نفسه , وعندما سافرت زوجته الي السعودية سافرت علي نفقاته الشخصية وليس علي حساب الدولة كما كان يحدث من قبل , بل إنه قام بتخفيض موكبه الرئاسي وحرسه الجمهوري ولم يذكر له الاعلام شيئاً من ذلك وقال للشعب المصري انه خادماً له ولم نسمع من أي رئيس سابق هذه الكلمة .
وعندما قام الرئيس بممارسة سلطاته قالوا عليه انه ديكتاتور يمتلك كل الصلاحيات وكل السلطات التنفيذية والتشريعة , فعندما اراد ان يحل نفسه من التشريعية واصدر قرارا بعودة مجلس النواب من جديد – الذي تم حله بطريقة سياسية بحته وليست قانونية- قام الاعلام باصدار حملة شرسه ضده ايضاً واتهمه فيها بأنه يريد اعادة مجلس الاخوان من جديد , وعندما صدر حكم بالغاء قرار رئيس الجمهورية - وهذا ايضا من الاحكام السياسية البحتة - قام الرئيس باحترام القضاء والغي قراره , في ضربة جديدة للاعلام , وبالتالي اصبحت السلطة التشريعية في يديه رغما عنه وليس طمعا منه , وهنا ايضا هاجموه اشد الهجوم واعتبروه ديكتاتور , ثم صبر علي ذلك كله , ومؤخرا وكّل سلطة التشريع لمجلس الشوري لحين انتخاب مجلس شعب من جديد , ومع ذلك لم ينجُ من الهجوم ايضاً وقالوا عنه انه اعطى السلطة لمجلس الاخوان والتيار الاسلامي – ناسين ان هذا المجلس وسابقه جاء بانتخاب حر نزيه وبارادة الشعب – علما بأنه اذا تم انتخاب المجلس عشرات المرات فسيأتي بهؤلاء لأن هذه هي ارادة الشعب .
ثم بعد ذلك عندما اعلن انه خلال مائة يوم سوف يعمل علي مواجهة اهم القضايا في البلاد - وليس حلها كما روج الاعلام الخبيث لأن حلها يحتاج عشرات السنين- والمتمثلة في " الامن ,والخبز , والغاز , والنظافة , والمواصلات " قاموا ببدء الهجمة الشرسة عليه والتثبيط من عزمه وتربصوا له بالمرصاد وكأنه اعلن عن شيء منكر , مما يؤكد مدى حبهم لمصالحهم الشخصية ومدى انتقامهم من الشعب المصري الذي لم يختار "مرشح الفلول شفيق" بل اختار مرشح الثورة" مرسي" , وبعد ذلك قاموا باحتساب المائة يوم من اول ماتولى الحكم مباشرة دون ان يضعوا في اعتبارهم انه غير كامل الصلاحية – نظرا لوجود العسكري - وانه لم يشكل حكومته التي ستنفذ برنامجه الذي وعد به , وبالتالي كان غرضهم واضح وجلي وهو افشال هذا الرئيس وتشويه صورته امام شعبه الذي انحاز له واختاره , ولكن هيهات لهم فالشعب واعي ويعلم جيدا مايدار حوله ويثق جيدا في رئيسه الذي اختاره بكل ثقة وحب , ومع ذلك ورغم كل هذه الصعوبات التي واجهها الرئيس إلا انه استطاع ان ينفذ جزء من مشروعه فقام بتحقيق نسبة مقبولة من كل قضية قام بالعمل علي مواجهتها ووجه لهم ضربة قوية كادت ان تقسمهم , ومع ذلك لم يذكروا له شيئا من هذا بل واجهوه بالنقد الهدام للنيل منه وتشويه صورته.
ليس هذا فحسب بل ان الرئيس عندما انصاع لرغبة الشعب ولم يعجبه مايحدث في البلاد من مؤامرات واهدار حقوق الشهداء وذويهم أصدر اعلانا دستوريا قويا يعبر عن شعوره بشعبه علي اثره قام بتعيين نائب عام جديد بدلا من سلفه الذي تسبب في اهدار حقوق شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة , ووعد باعادة محاكمة المتهمين قتلة الثوار , إلا ان ذلك لم يرض الاعلام الخبيث فعندما شعر الاعلام بأن الرئيس يكسب رضا شعبه لم يهدأ وقام بحملة شرسة عليه جعلت من الباطل حقا ومن الحق باطلاً , وصورت للشعب بان ما يفعله الرئيس انقلاب علي القضاء وعلي احكام القضاء وعلي السلطة القضائية , ولكنه لم ينجح في ذلك فقام الرئيس بالدعوة لحوار مع القوة السياسية وعلي اثره قام باصدار اعلان دستورى يلغي الاعلان السابق الا أنه يحفظ ما ترتب عليه من آثار ودعا للاستفتاء علي الدستور الذي جاءت نتيجته معبرة وبحق عن ارادة الشعب المصري العظيم .
ليس هذا فحسب بل ان الرئيس صبر علي الاعتداء علي شخصه من قبل بعض الاعلاميين الجهلاء الذين يمارسون اعلام البلطجة ويزعمون انه حرية رأي وتعبير في حين أنه لا يمت لحرية الرأي والتعبير بصلة من قريب او بعيد , وعندما اتخذ القضاء مجراه تجاه احد الاعلاميين لسبه رئيس الجمهورية وصدر حكم ضده بالحبس قام الرئيس بالعفو عنه , في سابقة لم نشهدها ايضا من قبل , وصدم الاعلام صدمة قوية إلا انه لم ينجُ من ذلك بل تم الاعتداء عليه مرات عديدة وصدق من قال " ان انت اكرمت اللئيم تمرد " فهؤلاء لا ينفع معهم العفو والرحمة بل الشدة والحزم , وعندما صدر حكم قضائي باغلاق احدى القنوات الداعية للفتنة واثارة المجتمع واهدار دم الرئيس هاج الاعلام هياجاً لم نره من قبل ودافع عن هذه القناة شر الدفاع , وخلط الحق بالباطل وجاءت مانشيتات الصحف المأجورة بكلمة واحدة هي اغلاق القنوات ومصادرة الصحف وغيرها من المانشيتات المغلوطة التي قلبت الحقائق , وجعلت الباطل حقا والحق باطلاً "وإنا لله وإنا اليه راجعون" في هذا الاعلام الخبيث .
وبالتالي فخلال هذه الفترة وجدنا كيف يعمل الاعلام ويهدف الي مصالحه الشخصية لا لمصلحة الوطن الذي ضحي من اجله شهداء الثورة المجيدة , والغريب ان هذا الاعلام هو نفسه الاعلام الذي كان يمدح ويمجد في النظام البائد ويتستر علي جرمه , مما يؤكد لنا انه كان ينتفع من هذا النظام البائد لذلك فهو يحاول بشتى الطرق اعادة انتاجه من جديد بكل ما أوتي من قوة .
وأخيراً يجب علي هذا الاعلام ان يراعي ميثاق الشرف الاعلامي أثناء اداءه مهامه , ويعمل لمصلحة هذا الوطن لا لمصالح شخصية ,ويعمل علي النقد البناء لا الهدام ويعمل علي تنوير المجتمع لا تضليله وتغيبه , كل ذلك ان اراد لمصر ان ترى النور وتصبح من اكبر الدول في العالم العربي والغربي .
حمى الله مصرنا من كل سوء.