لدي المحكمة الدستورية
دعـوى حماية حق دستوري
فيما بين
شركة فري ويرد للصحافة والنشر المحدودة الطاعنة بواسطة مكتب المحامى نبيل أديب عبدالله
ضد
جهاز الأمن الوطني المطعون ضده
بواسطة النائب العام
ط د / /2012 م
الموضوع: دعوى حماية حق دستوري
السادة / رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية
الموقرين,,,
نيابة عن الطاعنة أعلاه وبكل إحترام ألتمس قيد الدعوى الدستورية أعلاه وذلك حماية لحقوق الطاعنة الدستورية الموضحة فى أسباب الطعن أدناه:-
أولاً :- الوقائع :
1. الطاعنة هي مالكة صحيفة التيار وهى صحيفة يومية سياسية شاملة .
2. بتاريخ 11/6/ 2012 الساعة الخامسة مساءً، وعبر مكالمة تلفونية أخطرت المطعون ضدها الطاعنة، بقرارها بمنع صدور الصحيفة الى اجل غير مسمى.
3. رفضت المطعون ضدها تسليم الطاعنة أى امر كتابى بذلك.
4. نتيجة لذلك الأمر، والذى ظل قائماً حتى الآن توقف صدور صحيفة التيار منذ 12/6/2012 .
5. سبّب توقف صحيفة التيار عن الصدور للطاعنة خسائر مادية وفاتها تحقيق عائد بلغت في مجموعها حتى إعداد الطعن مبلغ خمسة مليون وتسعمائة وواحد وثمانون ألف جنيه حسب المستندات المرفقة
6. الفعل المذكور خرق الحق الدستورى للطاعنة فى المحاكمة العادلة، وحقها الدستورى فى التعبير ونشر المعلومات والمطبوعات، وفى أداء واجباتها الصحفية، كما يخرق حق المواطنين عموما فى تلقى المعلومات والاطلاع على شئون بلدهم والعالم، ويحد من النقاش المفتوح، الذى هو أساس المجتمع الديموقراطى، وذلك على الوجه الذى نفصله فيما يلى :-
ثانياً المواد الدستورية التى يخرقها هذا الامر :
تنص المادة 39 من الدستور على ما يلى (1) لكل مواطن حق لا يُقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون.
(2) تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي.
(3) تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب.
تنص المادة 27 (4) على "تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها".
تنص المادة 27 (3) على "تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة".
تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي ( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية).
تنص المادة 9 /2 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب علي (. Every individual shall have the right to express and disseminate his opinions within the law. لكل فرد الحق في التعبير عن آرائه ونشرها في حدود القانون ) .و تنص المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان علي ( يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية ) .
تنص المادة 34 (3) من الدستور "يكون لأي شخص, تُتخذ ضده إجراءات مدنية أو جنائية, الحق في سماع عادل وعلني أمام محكمة عادية مختصة وفقاً للإجراءات التي يحددها القانون".
تنص المادة 14 (1) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على
. الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.
ثالثاً: اسباب الطعن
أولاً: القرار المطعون فيه يفتقد السلطة القانونية:-
1. القرار المطعون فيه لا يستند على اى مادة من مواد قانون الامن الوطنى للعام 2010، وسلطات الجهاز حددها قانونه فى الماده (25)، وهى لا تشير لسلطة إغلاق الصحف، ولا تعليق صدورها، بل وان المادة المذكورة تشير فى صدرها الى وثيقة الحقوق المضمنة فى دستور جمهوريه السودان لعام 2005، مما يعنى ان المشرع لم يقصد انتهاك اى مادة من المواد الواردة فى وثيقة الحقوق، والمادة الوحيدة التى درج الجهاز على تفسيرها بانها تمنحه سلطة اغلاق الصحف هى الفقرة د من المادة (25)، وهى مادة تمنحه سلطة حجز الأموال فى حدود القانون ولا صلة لها بصدور الصحف. المال هو كل عين او حق له قيمة مادية في التعامل حسب تعريف المادة 25 (1) من قانون المعاملات المدنية، والحق فى إصدار الصحيفة ليس محل للتعامل، بحيث يمكن أن يكون لذلك التعامل قيمة مادية. والحجز هو منع التصرف فى الاموال، وحفظها لحين اصدار قرار بشأنها من جهة يخول لها القانون ذلك، والتصرف فى المال هو عقد يرتب حقاً على المال محل التعاقد، وصدور الصحيفة ليس عقداً فى الأساس، بحيث يرتب حقاً على مال، بل هو فعل يتم بإرادة الطاعنة المنفردة ممارسةً لحقها فى نشر الأنباء والآراء. و مهما مددنا من حبال الخيال لن نجد لكل ذلك صلة بمنع اصدار صحيفة.
ثانياً الطعن الإدارى والطعن الدستورى
1) القرار المطعون فيه هو فى حقيقته فعل مادى وليس قراراً إدارياً
يترتب على ما توصلنا إليه، من أن قانون الأمن الوطنى لا يمنح المطعون ضدها سلطة وقف صدور الصحف، أنه ليس هنالك أساساً للطعن بدعوى إدارية ضد ذلك القرار، فأسباب الطعن الإدارى محددة فى قانون القضاء الإدارى لسنة 2005، على سبيل الحصر، فى المادة 6 من ذلك القانون، وهى (أ ) عدم إختصاص الجهة التى أصدرته،(ب) وجود عيب فى الشكل،(ج ) مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه،(د ) إساءة إستعمال السلطة. وقد نفينا إبتداءً عن القرار المطعون فيه إستناده على أى نص قانونى، بحيث يكون قد خالفه القرار أو أخطأ فى تطبيقه، ويترتب على هذا أنه ليس هنالك سلطة لجهاز الأمن بإيقاف الصحف، بحيث يقال أنه إساء إستعمالها. ما قام به الجهاز هو فعل مادى يقوم على خلط بين قوة السلطة، و سلطة القوة. القوة هى إلزامية الإرادة بقدرتها الذاتية ، والسلطة هى إلزامية الإرادة بقدرتها التي يمنحها لها القانون. إيقاف الصحيفة تم بإستخدام قوة الجهاز وليس سلطته، وهذا يجعله فعلاً مادياً وليس قراراً إدارياً، فالقرار الإدارى هو تعبير عن إرادة الإدارة المُلزِمة قانوناً، فإذا لم تكن إرادة الإدارة مُلزِمة قانوناً، لا يكون هنالك قراراً إدارياً، وإنما هو فعل مادى فرضته سلطة القوة، وهو الأمر الذى يخرق الدستور من أساسه، لأن من أهم المبادئ الأساسية للدستور التى نصت عليها المادة 4 منه هو مبدأ سيادة حكم القانون، والذى يعنى أن تستمد السلطة قوتها من القانون، وليس من قدرتها الذاتية. وهذا يقودنا للقول بأن محكمتكم الموقرة بإعتبارها حارسة للدستور (م 122) هى المكلفة بالتصدى لهذه المسألة.
2) الحق فى الدعوى الإدارية لا يحجب عن المحكمة الدستورية سلطتها الأصيلة فى منع إنتهاك الحريات الدستورية:
تحوطاً، وحتى لو كان القضاء الإدارى مختصاً بالنظر فى القرار المطعون فيه، فإنه يجوز للطاعنة تجاوز ذلك، واللجوء مباشرة للمحكمة الدستورية، إذ أن وجود الحق فى الدعوى الإدارية لا يحجب عن المحكمة الدستورية سلطتها الأصيلة فى منع إنتهاك الحريات الدستورية. واقع الأمر هو أن أى خطأ يبرر تدخل المحكمة الإدارية فى مسأله متعلقه بحرية الصحافة، يبرر من باب أولى تدخل المحكمه الدستورية، فمخالفة القانون فى مسأله تتصل بحق النشر تتضمن مخالفة للدستور بالضرورة، لأن حظر صدور صحيفة هى مسألة متعلقة بإحدى الحريات الواردة فى وثيقة الحقوق، فإذا كان فى ذلك تجاوز للسلطة أو إفتقاد لها يتيح الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية، فإن ذلك لا ينفى الحق فى الطعن أمام المحكمة الدستورية أيضاً، فتجاوز السلطة أو إفتقادها فى مسألة تتعلق بحرية الصحافة بالإضافة لمخالفته للقانون، هو فى نفس الوقت إهدار لحق دستورى من الحقوق التى تضمنتها وثيقة الحقوق، وبالتالى فإن ما يجعل المحكمة الإدارية مختصة، يجعل المحكمة الدستورية مختصة أيضا. وقد يكون ذلك غير متاح إذا كانت دعوى حماية الحق الدستورى تستلزم إستنفاذ الحق فى الطعون القانونية، ولكنها لاتستلزم ذلك بموجب المادة 19 ( 4 ) من قانون المحكمة الدستورية، والتى تستثنى الحقوق والحريات المضمنة في وثيقة الحقوق الواردة في الدستور من شرط تقديم مايثبت إستتنفاذ طرق التظلم أو إنقضاء ثلاثون يوماً من تاريخ إستلام الجهة الأعلى للتظلم.
مجمل القول فى هذا الصدد هو أنه إذا إنتهك فعل واحد قامت به سلطة عامة حقين، أولهما دستورى، والثانى قانونى، فإن الأولى بالرعاية يكون الحق الدستورى، لأن الدستور كما يذكر عن نفسه هو القانون الأعلى بالبلاد والذى يتوجب على باقى القوانين التوافق معه (م3 من الدستور). لذلك فإن مصلحة المجتمع فى إستقرار أحكام الدستور بإعتباره قمة الهرم القانونى، اكبر من مصحلته فى إستقرار الأحكام القانونية الأدنى درجة.
وإذا كان الدستور هو قمة الهرم القانونى، فإن وثيقة الحقوق هى قمة الهرم الدستورى، لذلك فإن قانون المحكمة الدستورى حينما تطلّب إستنفاذ طرق التظلم الإدارية، قبل اللجوء إلى المحكمة الدستورية، إستثنى من ذلك الدعاوى المتعلقة بحماية الحق الدستورى.
ثالثاً الأمر المطعون فيه يهدر حق الطاعنة فى المحاكمة العادلة
الأمر بمنع الصحيفة من الصدور، تم بدون إعلان الطاعنة، ومواجهتها بالأسباب التى تدعو لأخذ ذلك القرار فى مواجهتها ، وإتاحة الفرصة لها للرد على تلك الأسباب، كما وأن القرار الذى أُبْلِغَ شفاهة للطاعنة لا يحمل اى أسباب أو حيثيات، وبالتالى فإن الطاعنة قد تعرضت لعقوبة جنائية، أو جزاء إدارى لا يجوز توقيعها، أو توقيعه عليها، دون سماع منصف أمام جهة محايدة، وفق متطلبات المادة 34 من الدستور والمادة 14 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، مقروءة مع المادة 27 (3) من الدستور ونفصل فيما يلى ما أجملنا.
أ. القرار المطعون فيه هو قرار بتوقيع عقوبة على الطاعنة
إذا كانت مراجعة قانون الأمن الوطنى لم تظهر لنا أن للمطعون ضدها أى سلطة فى منع الصحف من الصدور لكل هذه المدة المتطاولة، فإن الأمر لا يحتمل إلا أن يكون أحد أمرين، الأول هو أن يكون ذلك القرار عقاباً بسبب ما درجت الصحيفة على نشره من مواد، والثانى أن يكون إجراءً من إجراءات الرقابه على الصحف، والذى قررت المحكمة الدستورية فى دعوى مسارات وأخريات ضد جهاز الأمن دستوريته. ولا بد لنا هنا من أن نسارع وننفي عن ذلك الإجراء صفة الرقابه الدستورية على النشر، وذلك أن تلك الرقابة بطبعها تقتضى منع نشر مادة بعينها، فى ظروف بعينها، لأن نشرها يؤدى الى الإخلال بالأمن الوطنى، ولكن منع صحيفة من الصدور يعنى حظر نشر كل المواد التى يحتمل أن تحملها أعداد تلك الصحيفة، والتى لا يعرف من أصدر القرار محتواها، وبالتالى فإنه لا يمكن له معرفة ما إذا كانت ضارة بالأمن القومى أم لا. إذأً فإن هذا الإجراء لا بد أن يكون عقاباً للصحيفة على إنتهاجها سياسة تحريرية معينة.
وكون أن الإيقاف تم كعقوبة ليس فيه مشكلة، فالثابت أن حرية الصحافة لا تعنى السماح بإطلاق الكلام على عواهنه دون حساب، يقول بلاكستون " إن حرية الصحافة تتطلب عدم وضع نظام لمنع النشر قبل وقوعه، ولكنها لا تتطلب عدم العقاب على فعل يقع بالنشر بعد وقوعه . كل شخص له الحق في أن يعبر علناً عن آرائه كما يشاء، وفي منع ذلك يكمن القضاء على حرية الصحافة، ولكن إذا قام ذلك الشخص بنشر غير مقبول، أو ضار، أو غير مشروع، فعليه أن يتحمل تبعات ما فعل "
4 W. Blackstone, Commentaries on the Laws of England 152 (1769).
ولكن إذا كنا لا نرى مخالفة دستورية فى العقاب اللاحق على مخالفة تمت عن طريق نشر صحفى، فإننا نرى فى طبيعة العقاب الذى أوقعته المطعون ضدها على الطاعنة، وفى صدوره من الجهة التى أصدرته، بالطريقة التى صدر بها، مخالفة واضحة للدستور، وإنتهاك صارخ لحقوق الطاعنة الدستورية.
ب الفعل المطعون فيه يمثل عقوبة جنائية
حتى نصل لمدى توافق هذا الإجراء مع الدستور لابد من التوصل لطبيعة الإجراء المتخذ فى مواجهة الصحيفة، وما إذا كان جزاءً إدارياً أم عقوبة جنائية. يبدو من المصطلحية التى إستخدمها قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009 ،أنه قد فرق بين الإثنين فى الفصل السابع منه، فأشار إلى ما يوقعه المجلس بإعتباره جزاءً، وما توقعه المحكمة بإعتباره عقوبة. وبذلك فقد إستخدم قانوننا نفس المصطلحية التى تستخدمها القوانين الأخرى فمصطلح الجزاء sanction يعنى عقوبة إدارية، فى حين أن مصطلح عقوبه Punishment يتصل بالعقاب الجنائي فى الفقه العالمى. انظر المحكمة العليا الأمريكية فى
HUDSON et al.v. UNITED STATES 522 U.S. 93 (1997 (
و مسألة العقاب الإدارى هذه كانت دائما موضع تساؤل لما فيها من شبهة مخالفة مبدأ الفصل بين السلطات، كمبدأ دستورى هام يشكل ضمانة أساسية ضد الإستبداد الذى يورثه تركيز السلطات. بالنسبة لمبدأ الفصل بين السلطات، فقد إستقر الرأى منذ فترة طويلة، على أن الفصل التام بين السلطات غير ممكن، وأن الرقابة المتبادلة التى يتطلبها الحد من السلطة، تؤدى فى نهاية الأمر الى تداخل بين السلطات، مما جعل لكل سلطة من السلطات الثلاث بعض من نصيب فى ممارسة وظائف السلطات الأخرى، يخرج تفصيلها عن نطاق هذا الطعن. ولكننا نذكر أنه بشكل عام، وفى حدود معينة، يجوز للقانون أن يفوِّض السلطة التنفيذية لممارسة سلطات ذات طبيعة تشريعية، أو قضائية، إلا أن التفويض بالتشريع، أوسع نطاقاً عن التفويض بممارسة سلطة قضائية.
يقوم الجزاء الإدارى على تفويض من القانون للسلطة التنفيذية، لإعتبارات مختلفة، بممارسة سلطة هى بطبيعتها قضائية، فيجيز لها توقيع جزاءات على المخالفات الإدارية، وهو أمر مقبول لأن الجزاء الإدارى قليل الأهمية، ولأن القانون حين يفعل ذلك يحيط توقيع تلك الجزاءات بضمانات مختلفة، لمنع توقيعها بشكل نزقى أو تحكمى. ولكن الجزاء الإدارى، فى حالات قليلة قد يحمل سمات العقاب الجنائى من حيث طبيعته، ورغم أن هذا فى حد ذاته قد لا يخالف الدستور، إلا أنه يخالفه إذا لم توفر الإدارة لمن يخضع له إجراءات لنظرالشكوى المقدمة ضده تشتمل على الضمانات الدستورية المقررة للمحاكمة العادلة للمتهمين المواجهين بإتهام جنائى، وهذا ما قالت به محكمة حقوق الإنسان الأوروبية فى كثير من الدعاوى ففى دعوىCampbell and Fell V. UK application No 7819/77 وهى دعوى تتلخص وقائعها فى أن السيد/ كامبل قام بالإشتراك مع آخرين بتنظيم إحتجاج فى السجن الذى كان يقضى عقوبة فيه. رأت إدارة السجن فيما فعل السيد/ كامبل إخلال بالنظم الإدارية، فقامت بتحويله للجنة الإدارية للنظر فى معاقبته إدارياً. رفضت اللجنة الإدارية أن تسمح للسيد / كامبل بالإستعانة بمحامى، وعندما رفع كامبل دعوى ضد المملكة المتحدة أمام محكمة حقوق الإنسان الاوربية، قضت المحكمة بأن السمات الجنائية التى تحملها العقوبة، تتطلب أن لا يتم توقيعها إلا بعد منح السيد كامبل الحقوق المقررة للمتهمين المواجهين بإتهام جنائى فى المحاكمة العادلة.
ولكن الدعوى المفصلية فى هذا الخصوص هىى دعوى
Engle And Others V. The Netherlands Application No 5100
والتى تتلخص وقائعها فى أن الشاكين كانوا فى اوقات مختلفة مجندون فى الجيش الهولندى، وقد أُوقِعت عليهم جزاءات مختلفة وفق إجراءات التأديب العسكرى، فتقدموا بطعن ضد هذه الجزاءات لدى محكمة حقوق الإنسان الأوربية، كانت الدعوى تتضمن إدعاءً بأن الإجراءات المتخذة قد حرمت المدعين من الضمانات التى توفرها لهم الحق فى المحاكمة العادلة. رأت المحكمة أنها لن تتقيد بالوصف الذى يمنحه القانون للإجراءات، أو العقوبة، بل عليها أن تتوصل بنفسها إلى طبيعة العقوبة، وما إذا كانت عقوبة إدارية، أم جنائية، وذلك لأنه لو سُمِح للدولة أن تحدد فى قانونها، فى مطلق تقديرها، ما إذا كانت العقوبة هى جزاء إدارى، أم عقوبه جنائية، فإن هذا يجعل الحق فى المحاكمة العادلة رهن إرادتها، بحيث يمكن لها أن تمنحه أو تمنعه . ذكرت المحكمة أنها "للتمييز بين الجزاء إدارى والعقوبه الجنائية، تضع لطبيعة الجريمة وزناً كبيراً، فعندما يجد الجندى نفسه مواجهاً بإرتكاب فعل أو إمتناع يخالف قاعدة قانونية تحكم الإنضباط العسكرى، يجوز للدولة من حيث المبدأ أن تواجهه بالقانون الإدارى، وليس الجنائى. ولكن رقابة المحكمة لا تقف عند هذا الحد، لأنها ما لم تأخذ أيضا فى الإعتبار شدة العقاب الذى يواجهه الشخص المعنى، ستكون رقابة متوهمة وليست حقيقية. فى المجتمع الذى يخضع لحكم القانون فإن الحرمان من الحرية يدخل فى باب العقاب الجنائى، مالم يكن بسبب المدة أو طريقة التنفيذ قليل الأهمية، لأنه من الضرورى الأخذ فى الإعتبار بأهمية ما ستهدره العقوبة من حقوق بالنسبة لأحكام الميثاق. بالنظر لكل ذلك ستحدد المحكمة ما إذا كان كل أو بعض المدعين مواجهون بتهمة جنائية".
إذا عدنا لدعوانا فإنه بالنسبة لشدة الجزاء الذى أوقعه المطعون ضده على الطاعنة، لا بد من القول بأن ما تم إيقاعه من عقوبة على الطاعنة هو فى طبيعته عقوبة جنائية، ويبدو ذلك واضحاً من أنه يفوق فى قسوته حتى العقوبة الجنائية التى قررها القانون بالنسبة للصحافة، فهو إيقاف غير محدد المدة، فى حين أن العقوبة الجنائية التى حددها قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية، هى إيقاف المطبوعة الصحفية لفترة معينة (م35 ب).
ورغم أن الجزاء الذى أوقعه المطعون ضده على الطاعنة هو فى طبيعته عقوبة جنائية، إلا أنه فعل ذلك دون إتخاذ أى إجراءات سماع منصف مما يخالف المادة (34) من الدستور والماده (14) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.
ج إنتهاك حق الطاعنة في سماع عادل وعلني
وحتى لوقبلنا أن قرار المطعون ضدها هو جزاء إدارى لا يرقى لدرجة العقاب الجنائى، فهذا لن ينقذه من براثن عدم الدستورية، فهو فى كل الأحوال قرار- بالضرورة - يفصل فى حقوق وإلتزامات الطاعنة المدنية، وبالتالى فإن التقرير فيه بواسطة جهاز الأمن دون إتخاذ أى إجراءات سماع منصف يخرق حق الطاعنة فى المحاكمة العادلة.
من المؤكد أن قرار المطعون ضدها يتصل بحقوق الطاعنة المدنية، وذلك أن إصدار المطبوعة الصحفية هو حق حصلت عليه الطاعنة وفقاً للماده (21) من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م، وهذا الحق تحصلت عليه بعد أن تكبدت أموال وتحملت إلتزامات عديدة، فأودعت مبلغاً من المال في حساب مصرفي مستقل، وتعاقدت مع عدد كاف من الصحفيين ذوي الكفاءة والخبرة، وأجّرت مقراً لممارسة النشاط الصحفي، وذلك إيفاءً بشروط الماده(22) من نفس القانون، لتحصل على الترخيص بإصدار الصحيفة. وصدور قرار يمس حقوق الطاعنة فى الإصدار، يعنى الفصل فى حقوقها المدنية بواسطة جهة تنفيذية غير محايدة، ودون إخطار المدعية، أو سماعها دفاعاَ عن حقوقها. وذلك فيه إهدار لحقوقها الدستورية بموجب المادة 34 (3) والمادة (14) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما تستلزم في أية دعوى تتعلق بحقوق والتزامات أى شخص، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية. فى دعوى لدى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أصدر النائب العام قراراً إدارياً بقفل دكان المدعى، قررت المحكمة أن الفصل فى حقوق المدعى المدنية يقتضى سماع الشكوى من جهة محايدة بشكل منصف وفقاً للمادة 6 (1) من الميثاق الأوربى لحقوق الإنسان، والمقابلة للمادة (14) فى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية. DEWEER v. BELGIUM (6903/75) [1980] ECHR 1 (27 February 1980)
بالنسبة للقرار المطعون فإن أول ما يبدو على وجهه هو أنه قرار يخالف الأسس العقابية من حيث إفتقاده لأى حيثيات، فهو لم ينسب للصحيفة مخالفة مادة عقابية محددة، بل ولم تُخطر الطاعنة بأى أسباب أو حيثيات، وإنما هو فِعْل تسربل بسلطة أبوية تعاقب على ما لا تقبله - فى مطلق تقديرها - من سلوك، دون حوجة لتسبيب القرار، أو توقيته، وهو أمر بالغ الخطورة حين تتعلق المسألة بحرية دستورية هامة وهى حرية الصحافة. ترك توقيع جزاء فى ممارسة تتصل بممارسة الحريات العامة لجهة غير قضائية، هو أمر مجمع على عدم دستوريته، لأن الضمان الرئيسى لحماية الحقوق الدستورية يتمثل فى السلطة القضائية المستقلة عن السلطة التنفيذية، خاصةً وأن الحقوق والحريات العامة هى حقوق وحريات فى مواجهة سلطة الدولة، وبالتالي فإن السماح للسلطة التنفيذية بتوقيع جزاء إداراى على سلوك يتصل بممارسة حرية من الحريات العامة، يجعل من السلطة التنفيذية خصماً وحكماً فى نفس الوقت، مما يهدر الأساس الدستورى لصيانة تلك الحريات. من الجهة الثانية فإن إيقاف الصحف كعقوبة، دعك من إيقافها كجزاء إدارى، ينطوى على مخالفة للدستور،لأنه ينطوى على حظر عشوائى للنشر، يصيب الصالح والطالح من المواد الصحفية، أى أنه مصادرة تامة لحق الطاعنة فى ممارسة إحدى الحريات العامة، وهو أمر لا يملكه القانون نفسه، فما بالك بمن تقتصر سلطته على تنفيذ القانون، أو تطبيقه، (مادة 27 (4) من الدستور). حظر النشر الصحفى لأنه يقيد حرية الصحافة لا يجوز السماح به إلا فى الحدود الضيقة التى سمحت المادة 39 فيها للقانون - وليس للسلطة التنفيذية – بالتدخل، وتلك الحدود تسمح بالتدخل فقط لمنع المساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي. وذلك بالضرورة يقتصر على حظر نشر موضوع بعينه، وليس تعطيل الصحف، فتعطيل الصحف لأى فترة من الزمن، هو حجب لمنبر كامل بكل ما فيه من آراء وأنباء يخرق إلتزام الدولة الدستورى بأن تكفل حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي(م 39 "2" من الدستور).
رابعاً الفعل المطعون فيه يهدر حرية الصحافة
لا يجوز اللجوء لإيقاف الصحف كعقوبة حتى للمحكمة، ذلك لأن إرتكاب الصحيفة لمخالفة أو جريمة لا يبرر وقفها عن الصدور. من حيث السياسة العقابية فإن إيقاف الصحف من حيث هو، يفتقدالمعقولية المتطلبة فى القانون، والتى يخضع فيها المشرع لسلطة المراجعة القضائية. الأصل هو أن يفرض القانون العقوبات، والتدابير الإحترازية لمقابلة الجرائم، والعقوبة هى إيلام مقصود يقابل الجريمة ويتناسب معها، وإيقاف الصحيفة لا يتناسب مع المخالفة التى قد يحملها النشر الصحفى، لأن الفاعل الأصلى – وهو كاتب المادة - لن يتأثر به ما لم يكن صاحب الصحيفة. أما بالنسبة لصاحب الصحيفة فالايلإم المقصود في حالة الإيقاف من الصدور يتحقق بحرمان الصحيفة من مصدر دخلها، وهذا يمكن الوصول إليه عن طريق مباشر بالحكم بالغرامة المالية، وبالتالى فلا داعى للإيقاف لتحقيق نتيجة يمكن تحقيقها بغيره لأن إيقاف الصحيفة يخالف السياسة العقابية من حيث أنه يتعدى أثره الجانى حتى ولو كان صاحب الصحيفة إلى غيره، من العاملين فيها والقراء، فحرية الصحافة ليست حرية مقررة لصالح الصحيفة أو العاملين فيها، بل هي مقررة لصالح المجتمع ككل ،والذي يستفيد من تعدد الآراء وتعدد مصادر الأنباء والحرية المتاحة للصحف هي التي توفر ذلك، وبالتالي فإن حجب الصحيفة عن الصدور يضر المجتمع ككل. ومقابلة الجريمة للعقوبة تهدف لإزالة أثر الجريمة على الضحية، والايقاف لأي فترة من الزمن لا يقابل الجريمة بسبب أن المجني عليه في جرائم النشر ينشد إزالة الضرر، والذي يتمثل في التوضيح من جهة، وهذا يتطلب إستمرار الصحيفة في الصدور لا وقفها، والتعويض المالي على ما أحدثه النشر من أضرار من جهة أخرى، وهذا لا علاقة له بالايقاف .أما بالنسبة للتدابير الإحترازية فهى تواجه مايكشف عنه الفعل من خطورة إجرامية و ذلك بإعادة تاهيل الجاني لا بعقابه، والإيقاف غير مجد فى هذا الصدد لأنه لا ينطوى على أى قدر من إعادة التأهيل.
بالنسبة للدستور فإن وقف الصدور ينطوى على حظر مسبق لنشر صحفى بشكل عشوائى، لأنه لا صلة له بمحتوى ذلك النشر الذى يحظره، وهو أمر مخالف لحرية الصحافة فى المجتمع الديمقراطى التى لا تقبل التدخل بالحظر المسبق للنشر إلا فى الحدود التى أوضحناها، لأن النشر الصحفى يتصل بحقي التعبير وحرية الصحافة، وهما على درجة من الأهمية لا يجوز إهدارها مقابل مخالفة وقعت بالفعل، لا يؤدى الإيقاف لإزالة ما سببتها من أضرار. ولعل دعوى نير ضــد مينيسوتا تشرح ذلك على الوجه الأكمل.
كان السيد نير يمينيا متعصباً معادياً للكاثوليك والساميين والسود والحركة العمالية،أما السيد جيلفورد فكان من هواة النشر الفضائحى وقد أدين من قبل بإرتكاب جريمة إشانة السمعة الجنائية وسيدفع حياته ثمناً لذلك، فعقب إنتهاء الدعوى سيتم إغتياله بواسطة أحد ضحايا ما ينشر. أسس الإثنان فى عام 1927 بمدينة مينوبوليس فى ولاية مينيسوتا صحيفة أسمياها Saturday Press. شنت الصحيفة حملة على مدير الشرطة بالمدينة، زاعمة فيها أن المدينة واقعة تحت سيطرة عصابات يهودية، بمساعدة مدير الشرطة الغارق فى الفساد السياسي . إستهدفت الصحيفة أيضا فى حملاتها المنفلتة عدد من المسئولين من بينهم عمدة المدينة وحاكم الولاية المقبل . رغم أن حملات الصحيفة لم تكن مدعمة ببينات مقنعة إلا أن أحد هذه الحملات على الأقل أسفر عن إدانة رجل عصابات، كان قد روع أحد أصحاب محلات التنظيف الجاف بأن قام بتدمير ملابس عملاء المحل. عقب نشر العدد الأول من الصحيفة، والملئ بحملات الكراهية والاثارة، تم إطلاق النار على جيلفورد، ونجم عن ذلك إصابته إصابة غير خطيرة، إستدعت إدخاله المستشفى حيث تمت محاولة أخرى لإغتياله.
قام أحد من تأثروا بالنشر الفضائحى للصحيفة بتقديم عريضة ضد نير وجيلفورد تحت قانون الإزعاج العام لسنة 1925، وهو قانون ولائى يسمح بإصدار أمر يمنع أولئك الذين يرتكبون إزعاجاً عاما بنشر وبيع وتوزيع صحيفة تحتوى على مواد مشينة للسمعة أو شريرة malicious أو فضائحية، من إصدار أونشر الصحف. طلب المدعى إصدار أمر بإيقاف الصحيفة عن الصدور، لأن ما نشر ضده وضد رسميين أخرين فى كل أعداد الصحيفة الستة التى نشرت من سبتمبر وحتى نوفمبر 1927، بالاضافة للنبرة المعادية للسامية المستخدمة بواسطة الصحيفة، تشكل إخلالاً بذلك القانون . أصدر القاضى بولدوين أمر منع مؤقت يمنع المدعى عليهما من نشر أو توزيع الصحيفة، أو أى صحيفة أخرى تحمل مواد مشابهة. دفع المدعى عليهما بمخالفة الامر للدستور، إلا أن القاضى رفض ذلك الدفع، وأصدر أمراً نهائياً بمنع المدعى عليهما من نشر وتوزيع الصحيفة، وقد تأيد هذا الأمر بواسطة المحكمة العليا فى مينيسوتا، والتى ذكرت فى حكمها أن النشر الفضائحى يزعج ويؤذى ويهدر راحة وسكينة عدد معتبر من الناس، وهو يشكل إزعاجا لا يقل عن ما تسببه محلات بيع الخمور غير المشروعة (كان ذلك فى أيام حظر الخمور فى أمريكا)، أو محلات الدعارة من إزعاج . وأضافت المحكمة أن النشر الفضائحى أيضا يهدر السلامة العامة، لأن من شأنه أن يخل بالسلام العام، لأنه يدفع الطرف الآخر إلى العدوان. كما وأن تقييد النشر المبنى على إحتوائه على محتويات ضارة يدخل ضمن السلطة المشروعة للشعب، عندما يقرر عن طريق نوابه أن يحافظ على الأخلاق العامة . أما بالنسبة لدفع نير وجيلفورد بأن الأمر من شأنه أن يهدر حرية الصحافة، فقد ذكرت المحكمة أنها لا تعتقد أن حرية الصحافة قصد بها حماية النشر الفضائحى، وإنما قصد منها فقط توفير حماية للصحافة الأمينة ذات الضمير، وليس لشانئى السمعة، ومروجى الفضائح .
عندما وصل الأمر للمحكمة العليا، رأت أنه بغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما جاء فى النشر موضوع الدعوى، فإن أمر الحظر غير دستورى، وحتى ولو كان سلوك الرسميين التى وردت أسماؤهم فى الصحيفة لا تشوبه شائبة، فإن الأمر يظل غير دستورى، والقانون نفسه الذى صدر الأمر بموجبه غير دستورى.
ذكرت المحكمة أن أساس حرية الصحافة هو منع الحظر المسبق للنشر، و رغم أن هذا المبدأ يخضع لإستثناءات، إذ لابد أن يكون هنالك ما يُمكِّن الدولة من حماية مصالحها في الدفاع، ومن ذلك مثلاً نشر معلومات عن التحركات العسكرية في زمن الحرب، إلا أن الطبيعة الإستثنائية لجواز الحظر المسبق تجعل من القاعدة العامة والتي تمنع ذلك الحظر ركناً هاماً وحيوياً، وإن لم يكن الركن الوحيد لحرية الصحافة التي كفلها الدستور، والأشخاص الذين يجدون أخلاقهم وسلوكهم موضع نقاش في الصحف، يكون العلاج المتوفر لهم هو رفع دعوى لعقاب من يقوم بإدعاءات باطلة تجاههم، ولكن ليس في حظر نشر تلك الإدعاءات .صحيح أن حرية الصحافة يمكن أن يساء إستخدامها بواسطة ناشرو الفضائح، ولكن ذلك لا يمنع من التمسك بحصانة الصحافة ضد الحظر المسبق. إن العقاب اللاحق للفعل هو الشكل الأمثل للتعامل مع هذا الفعل دون خرق الدستور. ومضت المحكمة لتؤكد أنه كون القانون قد سمح للناشر أن يدحض الدعوى بأن يثبت أن النشر تم لأغراض مبررة Justifiable ends ، لا يجعل القانون متفقاً مع الدستور لأنه لو قبلنا ذلك لجاز للقانون أن يحدد ما هي الأغراض المبررة، ويضع بذلك نظاماً ما للحظر المسبق، وهو ما يتعارض مع الدستور. ومن ثم فقد قضت المحكمة بعدم دستورية القانون.
NEAR V. MINNESOTA EX REL. OLSON, COUNTY ATTORNEY 283 U.S. 697 (1931)
إننا ندفع بأن ما قام به المطعون ضده مساء 11/6/2012 ينطوى على مخالفة واضحة للدستور، وإنتهاك سافر لحق الطاعنة الدستورى فى التعبير والنشر، وما تبع ذلك من توقيع عقاب أو جزاء من جهة لا سلطة لها بتوقيعه، قد خرق حقها فى المحاكمة العادلة، وأن ذلك تم فى تجاهل سافر للأسس الدستورية الهامة المؤسسة على الفصل بين السلطات، وسيادة حكم القانون.
لكل هذه الأسباب مجتمعةً تلتمس الطاعنة أن تصدروا حكماً فى مواجهة المطعون ضدها يقضى بما يلى:
1. رفع الإيقاف عن صحيفة التيار والسماح لها بالصدور.
2. أن تدفع مبلغ خمسة مليون وتسعمائة وواحد وثمانون ألف جنيه
3. أى أوامر أخرى عادلة
وتفضلوا بقبول فائق الشكر؛؛؛؛؛
نبيل أديب عبدالله
عن هيئة الإدعاء المكونة
من المحامين نبيل أديب عبدالله وأمين مكى مدنى وعلى السيد والطيب عباس وأميمة أحمد المصطفى ومنال عوض خوجلى ومنى الطيب وإبتسام سنهورى