***
في ظل التهميش والإقصاء المتعمد من كافة الأجهزة الرسمية للدولة لقطاع المجتمع المدني والجمعيات الأهلية الحقوقية واستبعادها من أي حوار وطني رسمي منذ ما بعد ثورة 25 يناير 2011 وحتي اليوم، نجد وزارة الشئون الاجتماعية تمارس نوعا ممنهجا من الاغتيال البطئ للجمعيات الحقوقية في مصر.
وفي هذا الإطار قدم البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان طلبا لوزارة الشئون الاجتماعية للنظر في الموافقة علي قبول مشروع حقوقي تحت عنوان: شركاء من أجل النزاهة في القطاع الحكومي المصري، ممولا من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية بتاريخ 7 مايو 2012 ، وظللنا نناضل مع وزارة الشئون الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر حتي تم قبول تقديم الطلب بتاريخ 15 أغسطس 2012، ومنذ ذلك الحين لم يتم البت فيه لا بالموافقة ولا بالرفض، الأمر الذي حدا بالجمعية إلي التقدم بطلب لوزارة الشئون الاجتماعية 18 يوليو 2012 لرد مبلغ الدفعة المقدمة من منحة تمويل المشروع إلي الجهة المانحة علي خلفية التأخر في البدء في تنفيذ الأنشطة المتفق عليها مع الجهة المانحة، وتم تجديد الطلب مرة أخري في 20 نوفمبر 2012، وما بين إدارة الشئون الاجتماعية التي تتبعها الجمعية وما بين وزارة الشئون نفسها، لم نجد سبيلا ولا ردا مقنعا ولا سببا واضحا، فلاهم وافقوا أو رفضوا المنحة، ولاهم سمحوا لنا بإعادة مبلغ المنحة إلي الجهة المانحة.
إن البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان إذ يدين الموقف السلبي والقمعي لوزارة الشئون الاجتماعية تجاهه، والتعنت الواضح من قبلها في الإجراءات الخاصة بقبول المنحة أو ردها إلي المانح فإنه يؤكد علي أن الوزارة أكدت مرات عديدة أنها لا تملك الرد بالموافقة أو الرفض إلا بعد استطلاع رأي الجهات الأمنية ومن ثم فهي تماطل وتماطل حتي تحصل علي الضوء الأخضر من الجهات الأمنية التي نجهلها ولا نعرف عنها شيئا والتي لم يذكرها القانون 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات الأهلية.
ويشدد البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان علي ضرورة إلغاء إشراف وزارة الشئون الاجتماعية علي عمل الجمعيات الأهلية حيث يقتصر دورها في هذا الصدد ووفقا لما يجري علي أرض الواقع إلي مجرد بوسطجي لأجهزة الأمن من لحظة تأسيس الجمعيات مرورا بأنشطتها وانتهاء بحل الجمعيات وتصفيتها.
ويتوجه البرنامج العربي إلي كافة المسئولين في مصر بسؤال مفاده: ماهي الجهات الأمنية المناط بها الإشراف علي الجمعيات الأهلية؟ وفيما الإبقاء علي وزارة بحجم الشئون الاجتماعية كبرفان لأجهزة أمنية سرية لا نعلم عنها شيئا؟ وفيما كل هذا التعنت في البت في طلبات المنح؟ وإذا كان الأمر النهائي هو رفض المنح الخارجية فلما التعنت الشديد في السماح للجمعية برد مبلغ المنحة إلي الجهة المانحة؟ وإلي من تلجأ الجمعيات الحقوقية حتي تحافظ علي سمعتها داخليا وخارجيا؟.
إن البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان يؤكد علي أن هذا المسلك من وزارة الشئون الاجتماعية ومن ورائها الأجهزة الأمنية لا يعني بالنسبة لنا إلا وجود أوامر سيادية عليا بالضغط علي الجمعيات الأهلية الحقوقية لتكف عن فضح وتعرية الانتهاكات التي تحدث في طول البلاد وعرضها أو غلقها عن طريق تجفيف منابع التمويل بطرق غير مشروعة تخالف ما تم التأكيد عليه في الاعلان الدستوري الناظم للحقوق والحريات والصادر في 30 مارس 2011 ، كما يخالف ماتم التواتر عليه من ضرورة مراعاة الحق في تكوين الجمعيات والوارد في كل من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان.
كما يؤكد البرنامج العربي علي عدم استسلامه لهذا الواقع المزري وأنه سيستخدم كافة الأدوات السلمية والقانونية دفاعا عن الحق في تكوين الجمعيات ودفاعا عن وجوده ووجود المنظمات المدنية كضمان واحد ووحيد لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في مصر.